بقلم : الحسين الحموتي
لقد إضطرني الواجب الوطني مرة أخرى الى زيارة مخفر شرطة بني انصار يوم 10/09/200 صباحا ، وذلك لتكوين ملف طلب بطاقة التعريف الوطني الجديدة ، فإذا بي أجدني أمام نفس المبنى في شارع ضيق لا يتسع إلا لمرور أو توقف سيارة الشرطة ، يقع في عمق حيّ يدعى ,, كاليتا ,, سيّئة سمعته ، يوحي هذا المبنى بأنك أمام عمارة أشبه بفندق رواده باعة البهائم انتظارا لصبحية السوق منه لمفوظية شرطة ، و نحن في عهد البنايات المتحركة … !
فلولا العلم الوطني الذي إنطوى على نفسه خجلا فوق مدخله ، و شرطي مراقب يمضغ ما تبقى من أيام حياته و بعض الحواجز الحديدية الصدئة التي أضاع زواره بشدة تدافعهم نظامها لتاه ,, البنينصاريون ,, في البحث عن الكوميسيريا ,, بالتسمية المحلية ,, ، فما كدت ألج الباب الذي دلني عليه أحد الشرطة مشكورا لأقصد مكتب شواهد السكنى حتى داهمتني رائحة منفرة امتزج فيها شذى أنواع أعطار الزوار بما تبقى من رائحة الكنس الصباحي مختلطة كلها بعبق رائحة التدخين ، و أنا على مشارف الطابق الثاني بيت قصيدي ، راع انتباهي اصطفاف المواطنات و المواطنين جالسين القرفصاء على أدراج سلم الصعود الى الطابق الثالث و مورقات يغالبن نوما يكاد يسدل ستارتي أعينهن وهن مستلقيات على كرسي خشبي لا يسع إلا لثلاث جالسات يوجد على يسار باب المكتب إن كنت صاعدا ، انتظرت مدة تقارب نصف ساعة ، لا أحد تحرك للدخول من المحفوفين بباب المكتب ، فإذا بفضولي يدفعني اللا الأطلال على الموظف المكلف بهذه الشواهد ، إذ وجدته منكبا على افتحاص أوراق دون أن يوجد يمعيته أي مستفيد ، تداعت بسرعة في ذهني شكوك ، إلا أنني لم أسمع أحدا ينبس بأي شكوى أو احتجاج يفيدانني بشئ إذا استثنينا بعض التنهيدات المعبرة عن طول تحمل الانتظار و المقرونة بتبادل نظرات تكاد تكون استنكارية …!
لم يسعني أمام هذا المشهد إلا الإنسحاب خوفا من أعدى بالجائحة مؤجلا دوري الى أن يخف الإقبال ، غير أنني و أنا في طريقي الى أخذ بعض الراحة في مقاهي بني انصار راعني رغم ألفتي اسم ,, مقهى الوطنية ,, فاستحضرت معظم أسماء هذه المقاهي كمقهى ,, البركة ,, و ,, مقهى الشرف ,, و ,, مقهى المجد ,, هلج ، فلم أجد إلا أسماء منتقاة لذر الرماد في أعين المراقبين و الرواد و إخفاء لما يزاول فيها … كما أحسست بعطف يغامر وجداني إزاء رجال الأمن الذين أنساهم الواجب الوطني ما يمكن ان يتعرضوا له من مكروه صحي خاصة و نحن نعيش أياما موبوءة .
إن ضوء الشمس لا يخفيه غربال ، فتجارة المخدرات و تناولها تستفحل بالمقاهي الى حد نشوب حروب بين أباطرتها من حين لأخر تصفية للحسابات ، و شوارع المدينة مهددة بسيارات مزورة أوراقها و كأننا في حرب الطرق التي ضاقت هي الأخرى باحتلال المقاهي لبعض مساحاتها …
كل هذا جعل المستأمنين على أمر هذه المدينة يستعينون بإلحاح من حين لأخر برجال أمن وجدة .. أما السكان فقد وصل بهم اليأس لحد إنتظار الفرج اعتمادا على الحكمة القائلة ’’ إذا تجاوز الأمر حده انقلب ضده ’’ أو ’’ كم من حاجة قضيناها بتركها ’’ .
تعليقات الزوار ( 0 )