أمنوس .ما _ كتب: ذ/ عبد المنعم شوقي
“المغرب يتقن فن معاقبة كل من يعارض مصالحه”.. هكذا عنونت جريدة EL PAIS الاسبانية مقالها الذي تناولت فيه توتر العلاقات المغربية الفرنسية. هي عبارة تحمل الكثير من الرسائل والدلالات، كما أنها تعطي صورة مختصرة عن وضوح المعايير المغربية في اختيار الشركاء والأصدقاء.. فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن تقوم صداقة متينة أو علاقة تنموية بين بلدين دون احترام متبادل لسيادة وثوابت كل طرف.
إن الخطأ الذي ترتكبه فرنسا هو أنها عاجزة عن التفريق بين مغرب الأمس ومغرب اليوم.. فهي التي طالما نهبت خيرات بلدنا في عهد الاستعمار دون أدنى مبالاة بأحوالنا. ولعل التاريخ لازال يتذكر سنة 1940 التي يطلق عليها في المغرب “عام المجاعة” أو “عام البون”.. لقد استحوذت فرنسا آنذاك على كل المحاصيل الزراعية لبلادنا لتقوم بإرسالها إلى جنودها وجنود الحلفاء المنتشرين في مكان.. وهو الأمر الذي أبقى المغاربة جياعا لا يجدون كسرة خبز يسدون بها رمقهم.
لقد كانت مثل هاته الحالة حافزا للمغاربة ملكا وشعبا حتى يفكروا في بناء غد لا ننصاع فيه لأحد، ولا نتوسل فيه صدقة من أحد.
اليوم، وقد استطاعت بلادنا بفضل من الله وحكمة من عاهل البلاد نصره الله وإرادة من شعب هذه الأرض المباركة، فإنه لم يعد هناك أي مجال للإذلال أو الاستغلال.. فإما صداقة وشراكة لخدمة الطرفين، وإما إبعاد وإقصاء وتهميش.
إن العقلية الفرنسية لازالت تخال افريقيا ملكا لها، ولازالت تحسب نفسها وصية على المغرب الافريقي وغيره.. هل بمثل هذا الهراء يريد قصر الاليزي الاستثمار في القارة السمراء!!.. هل بمثل هذا الغباء ينتظر خضوع المغرب وتبعيته!!.. كيف يمكننا التعامل مع دولة تخطب ودنا بينما هي في الحقيقة لا تعترف صراحة وجهارا بحدود المغرب وسيادته على أراضيه؟؟.. ألم يسمع الفرنسيون خطاب جلالة الملك حفظه الله وهو يقول: “إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، لذا، ننتظر من بعض الدول من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”..
إذا كانت فرنسا أيها الأحبة عاجزة عن تبني موقف واضح من قضية الصحراء المغربية لأنها تخشى خسارة زمرة من أتباعها، فإننا في غنى عن أي تعامل معها، وفي غنى عن أي شراكة لا تفيد على المدى البعيد. لقد قام جلالة الملك مشكورا ومدعوما بشعبه الوفي بتنويع الشركاء، كما قام بفتح منافذ جديدة على قوى عالمية ومؤثرة يمكنها أن تشكل طاقة دفع للأمام بالنسبة للمغرب.. وبالتالي فلا حاجة لنا ل”ماما فرنسا” حتى نواصل مسيرة البناء والتنمية.
ومن جهة أخرى، ألم تلاحظ فرنسا كيف تغير المغرب وأصبح قادرا على التفكير والإبداع والإنتاج!!.. ألم تعاين الأمثلة العديدة والنماذج الكثيرة في هذا الإطار!!.. لقد لاحظنا أثناء في أزمة كورونا كيف تسارع العالم لاقتناء الكمامات بينما تسارع المغرب نحو صناعتها وتصديرها.. لقد لاحظنا كيف كان المغرب سباقا لتعميم لقاح كوفيد19 على شعبه حتى بات ينتجه لغيره.. لقد لاحظنا كيف استبق المغرب الجميع في مجال الطاقات البديلة فأنشأ أكبر محطة للطاقة الشمسية بجنوب البلاد.. لقد لاحظنا كيف صنع المغرب سيارته الكهربائية ذائعة الصيت في كل المعمور.. لقد لاحظنا العالم يقف مصفقا لمنتخبنا الوطني وهو يصنع تاريخا رياضيا مجيدا بمونديال قطر.. بل حتى في إدارة المخاطر والكوارث، هانحن نلاحظ كيف يدبر المغاربة ملكا وشعبا فاجعة الزلزال الذي ضرب بلادنا بكل وطنية وحكمة وذكاء ليؤرخ لملحمة من التضامن والتآزر اللتي أقبل عليها المغاربة قاطبة بكل طواعية وتلقائية.
إن جلالة الملك حفظه لا يدبر شؤون بلادنا عبر منصات التواصل الاجتماعي كما يفعل الرئيس الفرنسي الذي نراه مدمنا على الكلام الفارغ في منصات X وفايسبوك وتيكتوك.. بل إن عاهلنا المفدى يباشر جهوده الملموسة على أرض الواقع قريبا من شعبه العزيز.. وهو الأمر الذي أعطى ثماره بالتأسيس لمغرب الجد والعمل والمسؤولية.
إننا لم نعد في حاجة أيها الأحبة لدولة تتسم مواقفها بالضبابية لنجعل منها شريكا نحو مستقبل أفضل.. لم نعد في حاجة إلى المتلونين والمنافقين والمضاربين.. لقد صرنا نعرف الصالح من الطالح، ولقد صرنا نعرف كيف نختار شركاءنا.. وكما يقول المثل الدارجي: “لّي ما فيهْ نفَع دْفَع”
تعليقات الزوار ( 0 )