كتب: ذ/ عبد المنعم شوقي
أثارت محاكمة أحد كبار المنعشين العقاريين بالناظور كثيرا من الجدل في أوساط الرأي العام، كما نالت نصيبا وافرا على المواقع الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي.
والجديد في هذه القضية أن هيأة الحكم قد قضت ليلة أمس بتمتيع المنعش (ن) وبعض المتهمين الٱخرين بالسراح المؤقت بعدما تكونت لديها قناعة تامة بتوفرهم على كل الضمانات الواجبة. وهنا أود أن أكون صريحا لأعلن تأييدي لهذا القرار الذي اتخذه القاضي بكل جرأة ونزاهة وحياد.. هو حقا قرار شجاع يجعلنا نتمسك بثقتنا التامة في قضاتنا الذين لا يخافون في الحق لومة لائم…
لقد كان بإمكان هيأة الحكم أن تبقي المتهمين رهن الاعتقال تجنبا للشبهات ودرءا لبعض الأقاويل التي سيزعم أصحابها بوجود أياد خفية في الموضوع.. ولكنها لم تأبه لذلك، بل اتخذت ما تراه مناسبا بالتأسيس على ما تمتلكه من وثائق وضمانات. وهذا فعلا هو المعنى الحقيقي لجرأة القاضي وتجرده وتغاضيه عن المؤثرات والضغوطات الخارجية.
قد بدأنا والحمد لله نلمس مثلما يلمس الكثيرون جودة وشجاعة كبيرتين في الأحكام التي تصدر عن محاكم الناظور وخاصة عن الغرفة الاستئنافية بالناظور.. وهو أمر من شأنه أن يزيد من ثقة المتقاضين في قضاء ومحاكم بلدهم.
وفي هذا الصدد دائما، تحضرني إحدى القضايا التي كان فيها الحكم أيضا مثيرا للانتباه.. فقد حدث أن اتصل شخص بأحد القضاة عبر الهاتف ليخبره برغبته في لقائه قصد التفاوض في حل لمتهم تربطه به علاقة.. وافق القاضي وتم الاتفاق على اللقاء بإحدى المقاهي المعروفة. جاء القاضي وجاء المتصل مرفوقا بأحد أصدقائه. وما إن شرع الثلاثة في الحديث حتى باغتتهم الشرطة التي نصبت الكمين للثنائي بعد إخبارها من طرف القاضي المعني. هكذا قضت المحكمة الابتدائية في حقهما بسنة حبسا نافذة. وحين استئناف الحكم، ورغم أن أحد طرفي القضية هو قاض، فإن هيأة الحكم الاستثنائي قضت ببراءة المتهمين لعدم العثور على أية أموال في حوزتهم لحظة مداهمتهم واعتقالهم، أي أن الهيأة اقتنعت بعدم ثبوت تهمة الرشوة في غياب الأموال الواجب تقديمها. هكذا فعلا تكون قوة القاضي مهما كان المتقاضون ومهما تعددت الضغوطات والتدخلات.
مرة أخرى نجدد التنويه بمثل هؤلاء القضاة الشجعان النزهاء على أمل أن يسير الجميع على نفس النهج حتى يكون المسؤولون في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
تعليقات الزوار ( 0 )