أمنوس. ما : بقلم محمد بوزكو
كعادتي حين أجلس في المقهى أنتظر طلباتي… استمتع بكتابة هذه الخربشات الصباحية…
لا احدد موضوعا معينا… أكتب فقط ما ينزل علي في تلك اللحظة… أو ما بقيَ في قلبي إزاء حدث أو موضوع…
هذا الصباح قالت لي نفسي أن أعود وأكتب عن جنازة المرحوم حسن أجواو…
لكل ظروفه… أعرف ذلك… ولكن ليست الظروف كلها متشابهة… أو تأتي في نفس الوقت…
بكل صراحة تفاجأت… ووجدت صعوبة في ابتلاع الأمر…
كنت أعتقد بأن تكون جنازة المرحوم حسن أريف… جنازة رهيبة… تليق به… نظرا لعدد أصدقائه ومعارفه… ولعدد من كانوا يتقاسمون معه نفس الهم الذي حمله طوال حياته…
هم لغته وثقافته الأمازيغيتين…
صمتت وأنا أجد الأصدقاء… ماسين، بنعيسى، علال، البوستاتي، بنعمر، حفيظ الخضيري وجمال ريفانا… واقفون بباب مقبرة سيدي سالم…
فيما بعض الحاضرين يوجدون هناك بعيدا داخل المقبرة منشغلون بمراسيم دفن أحد المتوفين…
تبادلنا بعض الحديث…
سألني علي بوستاتي… ماذا ننتظر ألم يصل بعد موكب جنازة حسن أجواو…
قلتُ له لا يمكن… الساعة الآن تشرف على الثانية زوالا…
سحبته من يده وقلت له هيا بنا فلربما تلك الجنازة هناك هي جنازة صديقنا حسن…
انصرفنا… وتبعنا الآخرون وكلهم يخفون دهشة…
قيل لي أن موكب جنازة أريف لم يصل بعد… هكذا علق علال شيلح… قبل أن يستطرد… لم أكن أعتقد أن حضور جنازة المرحوم حسن ستكون بهذا الخفوت العددي من الحاضرين… لذلك صدّقت أن موكب جنازته لم يصل بعد…
كنا كلما اقتربنا من الجمع الجنائزي كلما تأكد لنا… من بعض الوجوه التي نعرفها… أنها فعلا جنازة المرحوم حسن أريف…
لم نتقبل الأمر…
لم نستسغ أن نرى عددا قليلا من الناس هم من يودعون صديقنا حسن… وأغلبهم من معارفه وعائلته…
فيما اختفت بشكل كبير وجوها كثيرة كانت تقاسمه نفس الهم… هم اللغة… وهم الهوية…
الأمر ليس بسيطا كما يمكن ان يُعتقد… ولكن للحدث عمقا كبيرا… عمق يكشف الستار عن حقيقة علاقاتنا الإنسانية… عن حقيقة تآزرنا… وعن حقيقة مواساتنا لبعضنا في مثل هذه الحالات…
وأنا أكتب هذه التدوينة… سمعت أحد الدكاترة، خلفي، يسأل جالسيه… وهو مندهش… هل فعلا توفي حسن أجواو… ذلك الذي كان يقدم برنامجا عن الكلمات الامازيغية!؟…
ليؤكدوا له الخبر اطلعوه على تغطية ناضورسيتي… بعدها بدأ يتكلم باعتزاز… عن بعض الكلمات الأمازيغية وكيف كان المرحوم يفككها ويشرحها…
ما قدمه حسن أجواو كان يدعو فعلا للاعتزاز…
لذلك لم تكن جنازة مثل جنازته تدعو للاعتزاز…
بل كانت جنازة غير لائقة به…
ولم تكن مجرد خيبة أمل فقط…
بل كانت جنازة حقيقية لنا جميعا…
جنازة لكل الذين كانوا يحملون معه نفس الهم… ويتقاسمون معه نفس الغيرة…
أجدد عليك الرحمات صديقي حسن…
تعليقات الزوار ( 0 )