منعم شوقي يكتب الهدم السري بوسط المقاطعة الأولى

أمنوس. ما _ كتب: ذ/ عبد المنعم شوقي

كثيرا ما سمعنا عن البناء السري، وهو المقصود به طبعا البناء دون علم المسؤولين لكون صاحب الفعل يدرك جيدا أنه مخالف للقوانين. ولكن أن نسمع أيها الأحبة عن الهدم السري، فهذا أمر غير مألوف ويوحي على الكثير من الأسئلة والاستفسارات.
نعم أيها الأحبة، يوجد ما يسمى بالهدم السري.. وهو أيضا هدم مخالف للقانون، ويقوم به صاحبه خلسة وتحايلا من أجل مصلحته الشخصية ولو أنه يشكل ضررا للآخرين.
المثال الذي سأسرده عليكم حدثت تفاصيله بوسط المقاطعة الحضرية الأولى بالناظور. وإليكم التفاصيل:
استطاع أحد الأعيان اقتناء عمارة محجوزة بعدما قام بشرائها عبر إحدى المزادات العلنية. هذه العمارة لم تكن فارغة، بل إن الدكاكين أسفلها مكتراة منذ زمن عبر عقود تجارية، كما أن العديد من شققها مكتراة تجاريا أيضا لثلة من الأطباء والمحامين وغيرهم.
قام صاحب العمارة الجديد باستصدار رخصة تقضي بهدم العمارة وإعادة بنائها.. ولكونها آهلة بالسكان والمكترين، فقد تم إشعاره من طرف المسؤولين أن شروعه في الهدم لا يمكن أن يحدث إلا بعد تسوية الوضعية مع مستغلي الشقق والدكاكين. وحيث أن صاحب العمارة أراد الاستفراد بما يحلو له لكونه يظن نفسه فوق القانون أو ربما لكونه يمتلك شبكة علاقات قوية، فقد بادر إلى هدم سري للشقق الفارغة كما تبين الصور رفقته ، وهنا نتساءل عن موقف السيد قائد الملحقة الإدارية الأولى وعما إذا كان فعلا قد تدخل لإنقاذ البشر من مخاطر الهدم “الفوضوي ” خاصة وأن مقر الملحقة لا يبعد كثيرا عن العمارة المعنية؟
هذا الهدم السري طبعا شكل أضرارا كثيرة بالقاطنين ومكتري المحلات التجارية: أنقاض وأكوام وأثقال، ثقوب محدثة، ضرر بالأعمدة، تلف بقنوات صرف المياه.. كل هذا جعل ساكنة العمارة في خطر محدق خصوصا وأن أسطح شققها أضحت معرضة للسقوط في أية لحظة بفعل الأوزان التي باتت تحملها.
ونتيجة كل هذا، ورفعا للضرر، قام المكترون برفع دعوى قضائية مستعجلة إلى المحكمة الابتدائية بالناظور، والتي قضت بمطالبة صاحب العمارة بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 600 درهم عن كل يوم تأخير. ولحد كتابة هذا المقال، لازالت الوضعية كارثية بداخل العمارة في انتظار أي مستجد قادم.
نعم أيها الأحبة.. هذا مثال لما سميناه بالهدم السري الذي لا يبالي فيه مقترفوه بأي أحد كان.. إنه نموذج للشطط وادعاء القوة والنفوذ.. إنه نموذج للدهس على رؤوس الجميع في سبيل مكاسب شخصية دنيئة.