وجه من الناظور (62): الفقيد الحاج أحمد شوقي

8 يوليو 2020 - 10:14 م

بقلم: عبد المنعم شوقي:

هي حلقة استثنائية بالنسبة إلي أيها الأحبة الكرام.. فالأمر لا يتعلق فقط بأحد أجلاء و أفاضل منطقتنا، بل هو يتعلق بوالدي رحمة الله عليه. صراحة، أجد صعوبة كبيرة لتحرير هذه الحلقة، و لا أدري ممّ أبدأ و فيما أغوص.. فالعاطفة و الحنين يغلبان لدي على المنطق و الحياد… ولكني سأكتب في جميع الأحوال لأن الأمر يعنيني كابن يريد أن يفتخر بوالده من جهة، و كشخص بادر إلى تأسيس هذا الركن اليومي المتواضع.
ولد الفقيد الحاج أحمد شوقي سنة 1909.. تعلم القرآن و الكتابة، ثم واصل دراسته الإعدادية بمدرسة la salle بمليلية ليلتحق بعدها بالعاصمة الاسبانية مدريد، و بالضبط بمعهد Instituto Ramiro de MAeztu.Madrid
عُرف رحمه الله بحبه لارتداء اللباس التقليدي منذ أن كان طفلا في سن السادسة، و الذي لم يفارقه طيلة حياته. و خلال اطلاعي على مذكراته الشخصية و قراءتي لما ورد فيها، ذكر الفقيد أن راتبه الشهري كباشا للناظور كان لا يغطي سوى مصاريف خمسة عشر يوما، و أنه كان يضطر للاقتراض حتى يوفر لأسرته حاجيات ما تبقى من أيام الشهر. و لكنه في نفس الوقت، أورد أنه قنوع براتبه، و أنه ليس مرغما على سلك طرق ملتوية ليصبح أحد أغنى أغنياء المنطقة.. بل إنه رفض رفضا قاطعا أن يتحصل على الجنسية الاسبانية رغم إقامته الطويلة بمليلية المحتلة مفضلا أن يبقى مواطنا يعتز بمغربيته و مغربية أجداده..بل حتى الأملاك التي اقتناها داخل مليلية كانت عبر طلبات الترخيص بالاقتناء.
لقد قضى والدي رحمه الله 23 سنة من المسؤوليات الموزعة بين مهام خليفة النائب و قائد بني شيكر ثم رئيسا و باشا للناظور. كان مكتبه الشهير يتواجد بالمقر الحالي لقيادة الدرك الملكي بالناظور..
هكذا قضى الفقيد الحاج أحمد شوقي حياته و هو يتناوب بصفة دائمة على كرسيين اثنين هما كرسي الباشوية و كرسي الحلاق بالمحطة الطرقية القديمة.
يحتفظ التاريخ لوجه اليوم بعدد من الإنجازات التي سُجلت له بمداد من الفخر كتهيئته الشاملة لضريح سيدي علي، و بناء مصلى خاص بصلاة العيد جوار الضريح نفسه، و بناء مسجد “الجامع القديم” بالحي العسكري بوبلاو أين قام بدفن رضيعيه اللذين توفيا مبكرا و هما عبد السلام و المصطفى، بالإضافة إلى تشييده لدكاكين السوق البلدي القديم بكل مرافقه.. هذا كله دون نسيان أن الحاج أحمد شوقي كان يقوم بتقديم مساعدات غذائية يومية لحوالي 400 فرد.
و ستجدون أيها الأحبة رفقة هذا المقال مجموعة من الصور و الوثائق التي تؤرخ لأحداث و محطات هامة في تاريخ الراحل العزيز، و منها:
– رخصة من طرف السلطات الفرنسية للحضور في استقبال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه خلال عودته من المنفى يوم 16 نونبر 1955
– صورة خاصة باستقبال ولي العهد آنذاك جلالة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه
– صورة توثق لتجمع شعبي بعد الاستقلال يظهر فيها والدي و بجانبه الشيخ علال التانوتي و الأستاذ حسين التانوتي و الاستاذ الحاج عبد الله الصقلي رحمة الله عليهم جميعا.
– نص الكلمة التي ألقاها الفقيد خلال استقبال الناظور لجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه
– مقال من جريدة “بريد تطوان” في عدد من سنة 1941 يتحدث عن الفقيد
– شواهد و أوسمة في مختلف المناسبات
– طلب موجه للفقيد من طرف عالمنا الجليل سيدي الحاج امحمد التانوتي رحمه الله باسم تنظيم سياسي قصد منحهم رخصة لعقد نشاط سياسي.
هكذا أيها الأعزاء عاش الفقيد حياة ملؤها العمل و خدمة الصالح العام مع الالتزام بكل الأخلاق الفاضلة و الشيم النبيلة و الخصال الحميدة.
توفي الحاج أحمد شوقي في شهر غشت من سنة 1990 ليترك وراءه ذرية أنتمي إليها و أحسبها بإذن الله تسير على خطاه في الخير و المحبة و السلام.
فاللهم نسأله أن يسكن الفقيد أعلى درجات الجنة مع الصادقين و الصالحين.. و أن يجازيه على تربيتنا و تنشئتنا بخير الجزاء و أعظمه.. كما نسأله تعالى أن يجعلنا خير خلف لخير سلف، و أن يهدينا للاقتداء به و السير على منواله .

مشاركة فيسبوك تويتر واتساب
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .