الحلى والأساور و،رموز تماتم أمازيغ الريف،في ضوء النصوص الفرعونية، مقارنة ودراسة.

25 مايو 2020 - 1:01 ص

امنوس.ما : بحث وتحقيق: جمال البوطيبي
تعتبر الحلي والتماتم فنا إعتقاديا ومصوغا دائم التطور والتصميغ وإعادة تشكيله متوارث عبر الإنتقال من جيل لآخر، محتفظا على رموز وتماتم المعتقدات القديمة وحضارات مشتركة .
ففي المجتمعات الأمازيغية دائماً كانت ترافقها الحلي ونوعية الازار وغالبا ترافق الإنسان المغاربي في حياته وتودع داخل قبره بعد مماته، وهذا الإحساس العقائدي نلمس فيه إيمان الإنسان الذي عاش في شمال إفريقيا القديم وإيمانه بخالق وحياة أخرى بعد الموت، وعليه أن يحظى فيها بكل ماكان يتمتع به في هذه الدنيا ،وحسب بعض الاركلوجيين الذين إكتشفوا حلى بدائية إلى جانب هياكل الموتى منذ العصور الأولى للتاريخ وهذا ما أظهره علماء الآثار في عدد من مدافن قديمة.
فعندما نستنطق النصوص القديمة نجد باحثين وعلماء كتبوا على هذه الحلى والتماتم وتسليط الضوء على فك رموز من عايش بداية تحضر شمال افريقيا منذ عراقة التاريخ.
فيقول المختص في قراءة النصوص المصرية الليبية القديمة، الدكتور عبد الحميد الاثرم :
إن الأساور و الخلاخيل التي لبسها قدماء المصريين كما لايزال المجتمع الأمازيغي يحافظ على هذه النماذج كالتماتم السحرية والرسوم المعبرة فيها وفي الازياء ايضا التي ربما وصلت إلينا متوارثة والتي تقارن مع الحضارة المصرية القديمة. كالأساور لما فيها من قوة سحرية بحسب معتقداتهم، فالأسورة تحيط بالمعصم أو تلبس على الذراع لتصنع دائرة سحرية، وكذلك الخلخال الذي يلبس عند القدم وكان يصنع من العظم والقرن والحجر والخشب والجلد،وبعدها من المعادن الثمينة كالذهب والفضة، ثم يوضع به خرزات في خيوط منظومة، وتصنع بعد ذلك ثم ترصغ بأحجار شبه كريمة أو بالزجاج.
ولعل أشهر الحلي، التي كان الليبيون يتزينون بها هي ريش النعام، وإن كانت لا تظهر أحياناً في الصور المصرية. ولعل مرد ذلك إلى التوفير في السطح الذي رسم عليه الفنان. كما كانت الريشة من علامات الزعامة وسقوطها من على الرأس هو علامة ذل وعار لحاملها. وكان الرؤساء يتحلون أيضاً بذيل الحيوان.
وإن الليبيين كانوا يلبسون أيضاً الحلى والأساور. ويظهر ذلك في نقوش سحورع ونقوش مدينة هابو بعض الليبيين والليبيات يتحلون بالعقود والأساور. وأما الخلاخيل فقد رودت في نقوش تحتمس الرابع حيث يظهر أحد أفراد قبيلة الليبو وفي أعلى قدمه اليمنى خلخال.وقد ذكر هيرودت أن نساء ليبيات كن يلبسن خلاخيل جلدية وأن أخريات كن يحملن خلخالا من البرونز في كل ساق.
وقد كان الليبيون يعتنون بتصفيف شعورهم وترتيبها على نحو مايظهر على الآثار المصرية ويهتمون باللحية التي تنتهي بطرف مدبب منسق ونشاهد في بعض الصور أن الرجل كان يطلق شاربيه، ولكنها لم تكن عادة شائعة عند كل الليبيين.
وتشير الدراسة إلى أن ارتداء غطاء الرأس المزركش كان لأغراض عقائدية، حيث اعتقد المصري القديم أن بعض أنواع الحلي والمجوهرات لها قوى سحرية تبعد عنه الشرور وتحفظه.
إستخدم المصري القديم القماش المخطط بخطوط عريضة والذي يغطي الرأس بشعر مستعار.
وكانت النساء يزيّن الشعر برباط بعرض بوصتين يتم لفه حول الشعر ثم يربط من الخلف ويترك الطرفان متدليان من الأعلى بزهرة اللوتس.
وكانت النسوة يلجأن إلى تغطية الشعر الطويل المستعار بغطاء رأس من القماش المزركش، وكان الغرض الأساسي منه الزينة والزخرفة، كما ارتداه الرجال أيضا.
وتشير الدراسة إلى أن ارتداء غطاء الرأس المزركش كان لأغراض عقائدية، حيث إعتقد المصري القديم أن بعض أنواع الحلي والمجوهرات لها قوى سحرية تبعد عنه الشرور وتحفظه في حياته اليومية من شرار العين
واستعمل الليبيون أيضاً الوشم في أشكال مختلفة،بعضها يتعلق بالتصور الديني وبعضها الآخر للزينة فقط. ويرجح، أن الرؤساء الليبيين هم فقط من كانوا يستعملون الوشم إلى جانب رجال الأسرة المالكة دون نسائها.
°التعويذة السحرية”عين حورس”
(سابقاً عين القمر أو عين رع) بالمصرية القديمة أوجات، يستخدم للحماية من الحسد ومن الأرواح الشريرة ومن الحيوانات الضارة ومن المرض وهي في شكل قلادة يتزين بها الشخص، وتعبر عن القوة الملكية المستمدة من الآلهة حورس أو رع. وتعد رمزاً شمسياً، والذي يجسد النظام،والصرامة، والوضع المثالي. كانت تلك القلادة توضع أيضا على صدر مومياء فرعون لتحميه في القبر. تفنن الفنان المصري القديم في صناعتها من الذهب وتشكيلها بحيث تحمل صورا لحورس والإله رع، ورموز الحياة (عنخ) والدوام (جيت)، والصون (صا). والأوجات كانت بمثابة رمز للإشارة إلي الإستقرار الكوني والدولي في عهد الفراعنة.
في علم الأساطير حورس هو بن الملك أوزوريس الذي قتله ابنه سيت.ويمتلك الإله حورس سلسلة من المعارك الضارية ضد أخيه سيت ولذلك لثأر لمقتل أبيه.وعلي مدار هذه الصراعات،عانى الخصمين عديداً من الإصابات والخسائر الحيوية مثل: تشوه العين اليسري لحورس،ولكن بفضل تدخل الإله “توت”استُبدلت العين المشوهة بالأودجات لكي يستطيع الإله حورس إستعاده بصره.هذه العين كانت مميزة وذات خصائص سحريه.
استُخدمت عين حورس لأول مرة كتعويذه سحريه عندما وظفها حورس لإستعادة حياة والده أوزوريس. وقد حظيت بشعبية كبيرة في مصر القديمة وقد تم اعتبارها تعويذة في يد أصحاب النفوذ القوية، لأنها تقوي النظر،وتعالج أمراض الرؤية،وتقاوم أعراض الحسد، وتحمي أيضاً الموتي. وهي مثل الطِلسم ترمز إلي الصحة،والرخاء،وعدم فناء الجسد “الخلود”،وكذلك القدرة علي إحياء الموتي “البعث”.وحالياً مازالت تستخدم كتعويذة من جانب أشخاص ذوي ديانات متعددة حول العالم.

النماذج المقارنة في الإرث الريفي المغربي الزي والحلى وأساور وتمتمة اليد والعين حورس ،”الخامسة”

إن المرأة الأمازيغية في المغرب وعلى حسب المناطق المنتمية إليها، إكتست ملابسها وحليها صبغة نابعة من صميم التراث والمعتقدات الدينية القديمة، ونذكر تحديدا منطقة الريف شمال المغرب التي تميزت النساء الأمازيغيات فيها بزيهن التقليدي الذي لا زالت تحافظ عليه المرأة الآن إضافة إلى لباسها فقد كانت المرأة الريفية تتزين بالحلي التي أخذت نصيبا في إبراز زينتها والتي تميزت بطابعها التقليدي المحض الذي يرمز إلى الهوية والعراقة الأمازيغيتين، فقد كانت تضع حول عنقها مشابك ••مبثولوجيا(ثسغناس)
أنها تحمل بعض التمائم السحرية وإن شكلها الإعتيادي يبين الدلالة الواضحة من الرموز السامية القديمة كالهلال والنجمة والمثلثين المنقلبين، وصف لربة النسل والخصوبة (تانيث) والتي عبدها أيضاً الشعب الفنيقي والبونيقي والاغريقي ونقلوا تمثالها تيمنا ليسموا عنها مدينة (أثينا) أقدم المدن اليونانية،و الدائرة والمثلث رمز الربة ( إزيس) أيضاً لها رمز كصليب برأس دائري وهذا النموذج نراه في مشابك منطقة سوس وأمازيغ الطوارق؛ وبينما لهذه الحلية شكل اخر بالريف كأنها رأس كبش بقرنين وأيضا تجمع الصليب والهلال والنجمة.وبالاضافة إلى رمز ثمرة اللوز التي تعد من الأشجار المثمرة والمعمرة بالريف.
••رمز اليد والعين حورس (ثفوست) او الخامسة، في مناطق بالريف وخاصة ماسمعناه عن معمري المنطقة، إن نوع من الحلية الذهبية وعبارة عن خامسة تتوسط جواهر حرة او ذهبية كانت تسمى (خيط الريح) تلبسه العروسة على جبينها وكان هذا التزيين يعتقد أنه يقاوم شكل اليد و العين الشريرة والحسد، وتلبس للأطفال المواليد والذين يتم إعذارهم يلبسون لهم هذه الحلية على أحدى أرجلهم مع قطعة نقدية فضية وكمية من الملح والحناء، ومن العجيب أيضا أن عادات ايت سيدال الناضور حتى في طقوس غريبة بعد وفاة ميت لن يسعفه الحظ أن يتزوج يبصم عن كفته اليد المقدسة بالحناء ويخرج نعشه من منزله الذي غادره بالزغاريد، وربما كانت هذه الممارسات من مخلفات وثنية تعبر عن حراسة اليد والعين حورس للمتوفى في عالمه الاخر، وقد تأثر بها المغاربة مع المصريين القدامى وخاصة في المعبود(حورس) الذي كان اليد والعين رمزاً لهذا المعبود السحري.
واضافة إلى قلادة (ثمريست) أو (ثشفاث)، وتعني الكلمة سلحفاة، التي كانت عبارة عن سلسلة طويلة محاطة بنقود فضية على الجهتين تتوسطها (ثشفاث) التي تأخذ شكل سلحفاة،وهي قلادة متطابقة مع القلائد الفرعونية من حيث موضع لبسها وشكلها حيث تخفي الصدر بشكل يعبر عن الهلال.
كما كانت تعلوها في الأعلى مشابك تسمى (ثسغناس) التي كانت ترمز إلى الأنوثة كما أسلفنا ذكره.
في منطقتنا القلعية قديما كانت النساء يصففن شعرهن بكل ما تتحلى به من مجوهرات وحلي فضية؛ وكان يسمى هذا النوع من التصفيف (أخريب_أموزار) و{أخريب} هو إسم نادر لهذا النوع من تزيين الشعر بالحلي والدبالج، الذي أصبح مندثرا اﻵن.
والنموذج المصور اسفل البحث بمنطقة (إغزى زيز / واد زيز ) المغرب؛ ﻵتزلن النسوة يتزين بهذا الموروث التزييني المتفرد عند أمازيغ المغرب ، و(أموزار نتجطاشت) أيضاً كان نوع الانتساب العرقي لقبيلة ما فيتم ترك موضع في الرأس من غير حلاقة.
”يقول المؤرخ اليوناني ”هيرودوت” في كتابه احاديث هيرودوت عن الليبيين وترجمه الاستاذ الباحث مصطفى اعشي الكتاب الثاني الفقرة رقم 175 صفحة 48 بقول” هيرودوت” عن الليبيين ”ويجاور ”الناساميون ”الى الداخل على الساحل غربا ”المكاي” و”الماكيون” الذين يحلقون شعر رؤوسهم على شكل عرف الفرس تاركين عرف في وسط الرأس وعند الحرب يحتمون بدروع مصنوعة من جلد النعام”
وهذه الظاهرة من حلق الشعر ماعدا عرف في وسط الراس كانت موجودة عند الأمازيغ عموما وفي الريف خصوصا وخاصة إثر الاحتلال الإسباني للريف وكان أهل قلعية القدماء يسمون هذه العادة ”ثاجطاشت” سوموزار.
وهذا النوع من التزيين شاهدته جداتنا وأمهاتنا والكثير من المصادر الشفهية بآيت سيدال عاشوا خلال فترتهم القديمة زمن هذا النوع التزييني لجداتنا القديمات؛ونحن نسمي هذا التصفيف للشعر ب (رمهضور) أو (أموزار) (ثاجطاشت)وكان هذا هو شكل من التصفيف والعناية بالشعر في المجتمع الريفي
وكانت تضع أيضا (الخامسة) التي كانت تأخذ شكل يد كانت تجسد الرغبة في إبطال المفاعيل الضارة، أما في أذنيها فقد تبين أن المرأة الريفية كانت تضع حلقات تأخذ شكلا دائريا وكبيرة شيئا ما تحمل في أسفلها النقود الفضية التي تتوسطها حبات من العقيق الحر والمسماة (ثخرازين ن وذمام ن الحر) وقد كانت ثقيلة نوعا ما وهو ما جعل معظم آذانهن يتقطع نحو الأسفل، أما في يديها فقد كانت تضع ما يسمى ب(ثمقياسين ن رحروش) التي كانت على شكل مستدير ومسنن، وفي أصابعها خواتم فضية تسمى (ثيخوذام)، وطبعا لا ننسى أنها كانت تضع في أسفل قدميها عند الكعبين ما يسمى ب(إخرخارن) وهي عبارة عن أساور خاصة للكعبين والتي كانت تأخذ أشكالا مختلفة ومتعددة،
أما بالنسبة للجيل الأخير من النساء الريفيات واللاتي تعدين سن الستين، فقد اقتصــر عليهن لباس (الدفين) و(ثقنداث) الأبيضين وتضع فوقهما إزار ابيض أيضا يسمى”ريزار” الذي كان يشبك بالمشابك الفضية (ثسغناس) حول الصدر من الناحيتين ويحزم حول الخصر بما يسمى (أحزام) الذي غالبا ما يكون أحمر اللون وتزينه زخارف من التراث الأمازيغي، أما على رأسها فقد كانت تضع عمامة بيضاء أو (الرزة) التي كانت تحبك جيدا فوق الرأس، ولا ننسى أن الحلي اقتصرت بالنسبة للمرأة المسنة على المشابك (ثسغناس) و(ثمقياسين) أي المسايس، والأساور،وتلف حول العنق ما يسمى ب(ثسدشت ن وذمام ن الحر) أو سلسلة الجوهر الحر، التي كانت عبارة عن سلسلة محاطة بنقود فضية أو سلسلة محاطة بالعقيق الحر، وذاك الحزام الحريري يتخذ جزء منه للزينة الى الأسفل ربما كان موروث لأجيال متعددة منذ القدم إعتباراً الى أصله المصري القديم ولا سيما كما يظهر عند الليبيين في نقوش المعابد الفرعونية.
ﺍﻟﻮﺷﻢ ﻛﻈﺎﻫﺮﺓ ﺳﻴﻤﻴﻮﻳﻄﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷ‌ﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ) ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻮﺷﻢ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺷﻤﺎﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، منذ اعتلاء الامازيغ عرش مصر القديمة بعد مواجهة مع الفراعنة وحتى ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﺍﻟﻤﻴﻼ‌ﺩﻱ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻜﻦ بشمال افريقيا .
المصدر التاريخي:
الروابط التاريخية والاستدلالات حول التشارك الثقافي والعرقي بين المصريين والليبيين القدماء،موجودة ضمن كتاب الدكتور رجب الأثرم، محاضرات فى تاريخ ليبيا القديم، بنغازى، منشورات جامعة قاريونس، ط 2، 1994.
* يعد الدكتور رجب الأثرم من أوائل الليبيين المهتمين بدراسة التاريخ الليبى القديم.
✓ضمن الصور حلى فرعونية أرسلت من المتحف المصري بكندا، من الأستاذة فتيحة، ومطابقتها بصور حلى أمازيغية ريفية قديمة .

مشاركة فيسبوك تويتر واتساب
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .